حبيبتى اعرف انك ستولدين فى زمان غير الزمان ، و مكان غير المكان ، و
ستحاطين بفكر جديد من كل حدب و صوب و اختلافات عديدة فى الآراء و الرؤى ، و سترين
أساليب حياة متعددة ستتعجبين منها ، و
أناس يعلم الله وحده ما سوف تكن نفوسهم من ارادة الشرأو الخير لك و علّى أن أعدك و
أعد نفسى لمواجهة كل هذا معا رغم يقينى بأنى لازلت لا أعلم الكثيرو الكثير عن هذه
الحياة و يقينى أيضا بأنك ستؤثرين فى أكثر
مما أظن و مما أتوقع.
عزيزتى أعرف مسبقا أنى سأربيك على المبادئ و القيم الدينية و الأخلاقية و
الأنسانية ؛ أيضا لن أفرض عليكى رأيا أو رؤية أقتنع بها -بقدر المستطاع- ، فقط
سأحاول أن أصحح مفاهيمك و أن أقومك مثلما يملي علّى ضميرى ...فأنا أحب أن تعملى
عقلك ، و أن تحركى ذهنك ، و أن تتفكري فى كل شئ ، و أن تطلعى جيدا ، وأن تتريثى
قبل إتخاذك المذهب أو الرأى الذى تفضلينه ...و لذلك حبيبتى فأنا أعرف قدر من الصراعات
الفكرية التى قد تقابلينها فى حياتك و أهمها هو "الحجاب"...فقد أصبح
الحجاب عادة موروثة أكثر منه عبادة دينية...لن أنكر أن الأهل يقولون للفتاة
"البسى الحجاب عشان ربنا ميبقاش غضبان عليكى" فترتديه الفتاة غصبا فقط
لإرضاء ربها -أو ربما أهلها- دون معرفة لآدابه أو حقوقه عليها و بالتالى تتصرف
بطرق تسئ اليه ...ناهيك الى من يدعون أن الحجاب تخلف و رجعية و أن لا وجود لأمر
واضح بالقرآن يختص بالحجاب..فأنا على يقين أنك ستسأليننى "لماذا
الحجاب؟"
دعينا نتفق أولا أن المسلم عليه أن يلتزم بأوامر و نواهى كتاب الله و ما صح
من سنة نبيه الكريم و سنستعرض معا من القرآن و السنة الدليل على الحجاب:
قوله تعالى :(( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ
وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ
أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ
بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ
التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ
الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ
بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى
اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))
و فى المعجم العربى معنى كلمة "خمر" ستر أو إخفاء أو ضمر
الشئ ...أى أن الله يأمر النساء بأن يسترن جيوبهن...فما معنى الجيب؟؟ ...خلاصة
القول فى الجيب دون الخوض فى التفاصيل هى ان معناه التقوير أو التجويف...و كان
يعرف عن نساء الجاهلية أن ملابسهم بها شقوق واسعة تبين مفاتنهم كما قال الغرناطى...
لذلك نزلت هذه الآية لتمنع المؤمنات عن نهج الجاهلية...اذن الآية تأمر النساء
بتغطية محاسنهم فقط...فلماذا تغطية الشعر؟؟
و هنا يتضح وجوب
تغطية الشعر ((ياأيها النبي
قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا
يؤذين وكان الله غفورا رحيما))
و يظهر هنا وجوب تغطية الشعر
فى لفظ "يدنين"...فالادناء يكون من أعلى الرأس لأن الادناء إذا إقترن بـ
"على" يكون معناه الارخاء و الاسدال و أجمع العلماء أن يكون هذا
الإسدال من أعلى الرأس و أختلفوا فو وجوب تغطية الوجه من عدمه.
و هنا نذكر حديث رسول الله –صلى
الله عليه و سلم -حدثنا يعقوب
بن كعب الأنطاكي و مؤمل بن الفضل الحراني ، قالا: حدثنا الوليد عن سعيد بن بشير عن
قتادة عن خالد بن دريك ، عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على
النبي صلى الله عليه وسلم، وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: يا أسماء إن المرأة
إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يري منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه.
و ان كان كشف الشعر و
العنق جائز لكان أشار اليهما أيضا لكن هذا الحديث يبين لنا أن الجائزكشفه هو الوجه
و الكفين لا غير أما غير ذلك فهو مخالف للدين.
و هناك الكثير و الكثير من الدلائل و لكن أحب أن نستنبط أسباب فرض و
وجوب الحجاب فاللشيخ الشعراوى له رأى يحتذى به و هو "هب أن امرأة بدأت بالذبول و
زوجها مازال محتفظا بنضارته, قادراً على الزواج, و خرج إلى الشارع و وجد فتاة في
مقتبل العمر و في أتم نضارتها و قد كشفت عن زينتها, ماذا سيحدث؟! إما أن يفتن بهذه
الفتاة و يترك زوجته و يتزوجها, و إما أنه عندما يعود إلي بينه يلحظ الفرق,
فيزهد في زوجته, و
يبدأ في الانصراف عنها... لكن لو حجبت النساء مفاتنهن عن الرجال, لصارت كل منهن
آمنه من فقدان زوجها, و من تغيير نفسه أمام زوجته, و لظلت محتفظه بحبه لها و
اقباله عليها, لماذا ؟ لأن الجمال نمو, و النمو في المخلوقات و النبات و الحيوان و
الإنسان لا يدركه المتتبع له, و لذلك تجد الرجل و له ولد ينظر إليه كل يوم, فلا
يمكن أن يلحظ أنه يكبر, ولكن له غاب عنه شهراً, يتجمع نمو الشهر كله و هو بعيد
عنه, و عندما يعود يحس بأنه قد كبر.. و الفلاح مثلا لو جلس بجوار الزرع, لا يلحظ
نموه و لا يراه, فإذا غاب عنه فترة لاحظ هذا النمو. و الرجل مع زوجته كذلك, فهو
عندما يتزوجها و هي عروس تكون في أبهى زينتها و نضارتها, و لكن لأنه يراها كل يوم,
فإنه لا يلحظ فيها أي تغيير, و تكبر و تذهب , دون أن يلاحظ هذا الذبول, بل تظل في عينيه هي نفس العروس الجميلة التي
زفت إليه...و لكن إذا رأى امرأة غيرها, أصغر منها و لا تزال في قمة نضارتها, بدأت
المقارنة و أحسن بالتغيير ,
بدأت المقارنة و أحس بالتغيير, و أثر ذلك في نفسه.."
أقول لك يا حبيبتى
...أتريدين أن يختارك شريك حياتك لأنك تثيرين شهوته؟!..أليس من الأفضل أن يجد فيك
المأوى و السكن..أن يختارك لأخلاقك الكريمة...و لإعجابه بفكرك...و ثقافتك المحمودة
...و صفاتك الحسنة...فلا تشعرين بأنك لوحة يزين بها أركان بيته ...أو قطعة ديكور
يكمل بها زينة المنزل...بل يشركك فى كل أمور حياته و تكونين له العون فى
الشدائد...حبيتى إن الجمال يفنى و الجسد يفنى و ما يبقى هو إيماننا و
قناعاتنا...أتريدين واحدا يبقى معك بعض فناء الجمال لتكملوا معا طريق الايمان...أم
واحدا قد يتركك فى سن الذبول لأنه رأى الأجمل.
و بعيدا عن فرض أشخاص
قد لا يكونوا فى حياتك من الأصل...من أى جهة تفضلين تقييم الناس لك...بنظرتهم
الشهوانية الحيوانية؟...أم بنظرتهم الانسانية لك؟ ...
ثم من يقول ان الحجاب تخلف
و رجعية...أيمنعك الحجاب من القراءة؟..أيمنعك من إبداء رأيك بحرية؟ أيمنعك من
الاحساس بالجمال؟...أيمنعك من الحركة؟...أيمنعك من أداء أى نشاط انسانى تقوم به
المرأة خارج بيتها؟...أذكر هنا توكل كرمان عندما سألها الصحافيون مستغربين
..." إن لباسها لا يعكس مدى ثقافتها ودراستها..ظناً منهم أن الحجاب رمز تخلف
ورجعية" فأجابتهم "إن الإنسان
في العصور الأولى كان شبه عاريا ، ومع تطور فكره عبر الزمن بدأ يرتدي الثياب،وما
أنا عليه اليوم وما أرتديه هو قمة الفكر والرقي الذي وصل إليه الإنسان عبر العصور
وليس تخلفا أما العري فهو علامة التخلف والرجوع بفكر الإنسان إلى العصور الأولى".أنت فقط و لاأحد غيرك يقرر ما ستكونين...فلا تستمعى لكلام هذا أو ذاك ان كنتى اقنعتى به...و إن لم تقتنعى فلا تتركيه...فهو أمر ربك ...اعملى جاهدة على أن تصلى الى الحقيقة الحقه لا التى يهفو اليها هواك...و اعلمى أن الحجاب ليس قطعة قماش فوق الرأس...انما هو امتثال لأمر الله ..فعليكى أن تستوفى شروطه أولا –ان يكون واسع فضفاض ، لا يشف و لايصف الجسد ، الأ يكون زينة فى نفسه- ....و أن تتخلقى بأخلاقه ، و دماثة مظهره فلا تكونى صورة خاطئة للحجاب تنفر غيرك من إماء الله عنه ، و لا تجعلى الحجاب سببا فى منع معرفة أو علما قد ينفعك أو ينفع غيرك...و تذكرى دائما و أبدا...أن حجابك حجاب للجسد لا حجاب للعقل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق