رمضان شهر الفرج ...مش الفرجة

فى قاعدة تأملية مع نفسى كده و انا صغيرة أدركت ان الانسان كائن نصفه أرضى و نصفه سماوى ...نصفه أرضى لأنه لديه احتياجات جسدية لازم يشبعها...محتاج ياكل و يشرب و ينام و يسد جميع شهواته الجسدية ...و نصفه سماوى لأنه به نفحة من روح الله ...فيحاول ان يسعى للكمال و ان يزكى روحه ...فنجد أننا نؤنب انفسنا على اى فعل قد يسئ لضمائرنا و يقلل من شأننا السماوى مثل الكذب او مضايقة الاخرين و غيرها من الافعال...و طبعا الناس انواع فهناك اللى بيحاول انه يزيد من جانبه السماوى و فيه اللى مش مركز خالص فى الموضوع...لكن الشئ الأكيد ان الانسان بطبيعته بيحب يرتقى الى جانبه السماوى.

رمضان شهر سماوى...ربنا عملنا شهر واحد فى السنة عشان نبقى على تواصل مع جانبنا السماوى و يدربنا فيه على التحكم فى شهواتنا و يحسسنا بكرمه علينا و معاناة غيرنا من الفقراء ...و عشان كده الطبيعى اننا نعبد الله و نرجو منه العفو و القرب منه فى هذا الشهر الكريم...و لأننا دولة اسلامية كان المفروض ان التلفزيون المصرى يكون ليه دور مساعد و لو مظهر بسيط من روح رمضان العطرة ده خصوصا بعد الثورة...لكن السنة دى التلفزيون فى رمضان كان غيييييييييييير!!!!...بداية من كمية البرامج التافهه اللى ملهاش اى تلاتين لازمة ...يعنى ايه استفادتى من ان المذيع يجيب فنان و يسأله أسئله شخصية تخصه وحده هو!!! ...لاء و يتفنن فى احراجه امام الكاميرات و المصور يجيب وشه بالجنب و من فوق و من جميع الاتجاهات و يحاصر ردود افعاله ...و السؤال..لييييييه!!...ليه التدخل فى خصوصيات انسان اخر و التحدث عنها امام 80 مليون بنى آدم او أكتر كمان!!!..و طبعا البرامج السخيفة اللى بيعملوا مقالب فى الناس و يصوروهم و هم غاضبون او خائفون او حانقون !!! ...ليه اهانة الانسان للانسان بالطريقة دى!!...و ليه البعض يعتبرها تسلية لوقته!!!...هل هناك فى ترويع الناس و اخافتهم  -زى ما بيحصل فى برنامج "رامز قلب الاسد"- أى تسلية!!!...هل تسليتنا هى اهانة و ترويع الآخرين!!

بلاش البرامج...المسلسلات بقى ...هل انا الوحيدة اللى لاحظت ان هناك تطور فى اللغة فى المسلسلات؟؟!!..لكنه تطور غير محمود بالمرة ...فأصبح عادى جدا تسمع ألفاظ نابية... طريقة حوار متدنية...صراخ و عراك طوال الوقت...و تجد ان كل الناس أوغاد ...كلهم بلطجية...كلهم يقومون بأعمال ضد القانون...كلهم على خلاف!!!...المسلسلات كلها تشع طاقة سلبية ...المسلسلات كلها بلا هدف...المسلسلات كلها تعكس عادات و تقاليد اما انها موجودة و هى غير محمودة ...أو انها دخيلة على مجتمعنا و لا تليق بنا...و يبادرنى ذهنى رغما عنى بالسؤال...ما الهدف من كل المسلسلات دى فى رمضان بالذات؟؟؟!!..أرجو أن أجد له اجابة يوما ما.

اللى فات ده كله حماده و مسلسل الزوجة الرابعة حماده تانى خالص :D ...أتسآل ما الذى قد يفكر به الشباب العاطل فى سن الحج فواز لما يجدون ما عنده من حظوظ الدنيا!! ...فهو عنده الكثير من المال يعمل به ما يشاء و يتزوج من تعجبه و يطلق اللى مش جايه على مزاجه...الأ يدخل ذلك فى قلوبهم الغل و الحقد!!..ثم ما هى معايير اختياره لشريكة حياته ووالدة أطفاله بالظبط ...الجمال!! ...يتزوج فتاة لأنه شافها و عجبته من مرة واحدة...أليس هذا أشبه بالتصرف الطفولى غير المسؤل!!...يدور المسلسل كله حول نقطة واحدة فقط..."كيف تكون كائن ارضى"....الا يرى المؤلف و المخرج ان هذا المسلسل قد يؤدى الى زيادة ظاهرة التحرش بين الشباب اصحاب النفوس المريضة ...الا يرى انه قد يعطى صورة خاطئة عن الرجال الأغنياء المتدنيين فتظل صورة المتدين ذو الزوجات الاربعة عالقة فى الاذهان....الا يرى انه قد يمثل قدوة خاطئة للاطفال و المراهقين فيصبح هدفهم الاول ان يكونوا مثل الحاج فواز...الا يرى انه يوسع الفجوة بين طبقات المجتمع لما يدخل من حقد و غل على قلوب الفقراء ....الا يرى ان مسلسله هذا بلا هدف اصلا!!!!

الشئ االذى يستعصى على فهمه هو كل تلك النقود التى صرفت على المسلسلات فى رمضان بينما هناك الملايين لا مأوى لهم و لا مأكل...ان كانت حجتكم "انه فنا و بالفن ترتقى الامم"...فأنتم لا تخدعون الا أنفسكم ..فهذا و الله ليس فنا ...فالفن الحق ان تعرض قضايا بلدك و ان تحاول ان تجد لها حلا...كنت آمل ان أجد مسلسلا يدعو للوحدة الوطنية و يوأد الفتنة الطائفية...أو آخر يرسخ قيما اجتماعية غائبة عنا ...أو يدعو لتقبل الرأى الآخر و التآخى مهما كانت خلافاتنا...أو أجد واحدا يعرف الناس دينهم الوسط بعيدا عن التطرف الشائع فى هذه الأيام ...هذا ما يسمى فنا ...و هذا ما ترتقى به الأمم.